أحببت إخواني الكرام أن أخبركم بهذه القصة التي حدثت مع أخ لي منذ أيام والتي كلما تذكرتها غلبني الصمت برهة من الزمن.
ذهب أخي مع صديق له إلى أحد الأماكن الحكومية لإنجاز أمر ما، وهناك كان على صديق أخي أن يملأ استمارة طلبه، إلا أنهما لم يكونا حاملين لقلم معهما، فالتفت أخي ورأى صبياً لا يزيد عمره عن الثانية عشرة وكان لديه قلم فاستأذنه أخي في استخدام قلمه، فوافق الصبي ومد يده لإعطائه القلم، وما لبث أن سحب الصبي يده.
فاستغرب أخي هذا الفعل منه، فنظر إليه الصبي وقال: أعطيك القلم ولكن بشرط.
فزاد تعجب أخي هذا الفعل منه، فنظر إليه الصبي وقال: أعطيك القلم ولكن بشرط، فزاد تعجب أخي.
فقال له: ماذا تريد؟ مالاً؟ قال الصبي: لا. ولكن أمر آخر، فوافق أخي.
فقال له: ماذا تريد؟ أتدرون ماذا قال له ذلك الصبي؟! قال له: أعطيك القلم بشرط أن تحضر اليوم محاضرة في المسجد الفلاني بعد صلاة العشاء.
لقد تعجبت لهذه القصة، وما زلت كذلك لنباهة هذا الصبي ووعيه، فعلاً أحسن أهله تربيته ولكن القصة لم تقف عند هذا الحد، فبعد أن أخذ منه أخي القلم وأعطاه لزميله عاد للصبي وجرى بينهما حوار صغير.
كان مما جاء فيه على لسان ذلك الصبي: ماذا نريد من هذه الدنيا الفانية، وإن حضور مثل هذه المحاضرات أجر كبير.
صدقوني بعد هذه القصة تخيلت أن عمر ذلك الصبي أكبر من عمر أخي، حتى ولو كان الواقع غير ذلك، فهنيئاً لوالديه.
فوائد من القصة:
1- فضل التربية الصالحة التي دفعت الطفل إلى التفكير بالدعوة إلى الله في أبسط الظروف.
2- فضل البيت الصالح الذي يحسن فيه التربية فيخرج لنا أمثال هؤلاء الدعاة الصغار.
3- ضرورة استغلال كل الظروف في الدعوة إلى الله لأهميتها وعظم نفعها حتى وإن بدت صغيرة.
4- عدم استقلال النفس والاستجابة للشيطان في ترك الدعوة إلى الله، فلولا أن عزيمة هذا الصبي قوية لكان تراجع عن الدعوة لصغر سنه أو لأي عذر آخر قد يقذفه الشيطان في النفس لتخذيلها عن الدعوة.
5- يستفاد من القصة أيضاً فضل الإعلانات التي تكون عن المحاضرات حتى يتمكن الناس من حضورها والمعرفة بها ودعوة الناس إليها.